الأحد، 7 فبراير 2016

صلاح الدين اوزبك

في صباح يوم معركة عين جالوت حدث شيء غريب جداً أن يحدث في هذا التوقيت، فبينما الجيش الإسلامي في سهل عين جالوت جاء رجل من أهل الشام وهو يُسرع المسير يطلب أن يقابل أمير القوات الإسلامية قطز ومن معه من بقية الأمراء، وقال: إنه رسول من قبل صارم الدين أوزبك، وهو أحد المسلمين المماليك الذين أسرهم هولاكو قبل ذلك عند غزوه بلاد الشام، وأخبرهم أن صارم الدين يتظاهر بالولاء لكتبغا ولكنه في الحقيقة مع المسلمين وهو في صفوف التتار لينفع المسلمين
وأخبرهم رسول صارم الدين أوزبك بثلاث معلومات مصيرية:
أولاً: أن جيش التتار ليس بقوته المعهودة؛ فـ هولاكو قد أخذ معه عدداً كبيراً من الجيش وهو راجع إلى تبريز
وثانيا أن ميمنة التتار أقوى من الميسرة
وثالثا أن الأشرف أمير حمص، سيُتظاهر بالتعاون مع التتار، بينما في الواقع سينهزم بين يدي المسلمين
فى صباح يوم المعركة تقدمت جحافل التتار الضخمة لتجد الميدان شبه خالى , وصارم الدين أوزبك على يمين قائد جيش العدو كتبغا
وبدأت القوات الإسلامية تنساب من فوق التل إلى داخل السهل .. لم تنزل صفوف الجيش دفعة واحدة، إنما نزلت على مراحل، وفي صورة عجيبة.. وبدت ملامح القلق والترقب على وجه طاغية الحرب وقائد جيش العدو كتبغا .. وهنا إستدعى المملوك المسلم صارم الدين ليشرح له تفصيلا ما يدور
لقد نزلت الكتيبة الإسلامية الأولى وهي تلبس ملابس أنيقة أحمر في أبيض .. للفرقة كلها زي واحد، وكانوا يلبسون العدد المليحة، بمعنى أن الدروع والسيوف والرماح والخيول كانت في هيئة متناسقة جميلة.. لقد نزلوا بخطوات ثابتة، وبنظام بديع ..
الجنود الإسلاميون ينزلون إلى ساحة المعركة في غاية الأناقة والبهاء .. وكأنهم في عرض عسكري.. لهم هيبة.. وعليهم جلال.. ويوقعون في قلب من يراهم الرهبة..
وهذه هي الكتيبة الأولى..
هنا يقول هذا المملوك المسلم "فبهت الطاغية وبهت كل من معه من الجنرالات والقادة" ..
هذه أول مرة يرى فيها كتبغا جيش المسلمين على هذه الصورة، لقد كان معتاداً أن يراهم وراء الحصون والقلاع يرتجفون ويرتعبون، أو يراهم وهم يتسارعون إلى الهروب فزعاً من جيشه ، أو يراهم وهم يسلمون رقابهم للذبح الذليل !!.. كان معتادا على رؤيتهم في إحدى هذه الصور المهينة، أما أن يراهم في هذه الهيئة المهيبة العزيزة فهذا ما لم يحسب له حساباً أبداً ..
فسأل الطاغية هذا المملوك المسلم والفزع يبدو على ملامحه : رُنك من هذا !
"ورنك" كلمة فارسية تعني "لون"، وهو يقصد كتيبة من هذه؟ إنها كتيبة مرعبة ..
وكانت فرق المسلمين فى هذا الجيش تتميز عن بعضها البعض بلون خاص.. فهذه الفرقة مثلاً لونها الأحمر في الأبيض، فكانت تلبس الأحمر والأبيض، ولها رايات بنفس اللون، وتضع على خيولها وجمالها وأسلحتها نفس الألوان، وتضع على خيامها نفس الألوان، وكذلك على بيوتها فى مصر، وعلى مخازنها وغير ذلك.. فكانت هذه بمثابة الشارة التي تميز هذه الفرقة أو الكتيبة..
وكثيرون لا يعلمون أن الجيوش القديمة كانت تميزها عن بعضها شارات على الذراع أو هيئة ملابس متقاربة ولم يكن الزى الموحد معروفا فى هذه العصور الأولى ..
سأل الطاغية في فزع: رنك من هذا؟
فقال صارم الدين : رنك "فلان" أحد أمراء المسلمين..
ومهما كانت عظمة الكتيبة المسلمة وبهاؤها فإننا لا نستطيع أن نفهم رعب القائد السفاح المهول من هذه الكتيبة الصغيرة جداً بالقياس إلى جيشه الضخم!
وبعد نزول الكتيبة الأولى نزلت كتيبة أخرى تلبس الملابس الصفراء عليها من البهاء والجمال ما لا يوصف ..
تزلزل الطاغية وقال لصارم الدين : هذا رنك من؟
قال صارم الدين : هذا رنك "فلان"أحد أمراء جيش المسلمين ..
ثم تتابعت الكتائب الإسلامية بألوانها الرائعة المختلفة، وكلما نزلت كتيبة سأل السفاح: رنك من هذا؟
فيقول المملوك المسلم : فصرت أي شيء يطلع على لساني قلته.. يعني بدأ يقول أسماء مخترعة لا أصل لها، لأنه لا يعرف هذه الكتائب، ولكنه يريد أن يرعب هذا السفاح بكثرة الفرق الإسلامية ..
وكل هذه الفرق هي مقدمة جيش المسلمين فقط، وهي أقل بكثير من جيش السفاح المرعب الرهيب؛ فقد احتفظ السلطان بقواته الرئيسية خلف التلال، وقد قرر ألا تشترك في المعركة إلا بعد أن تُنهَك قوات العدو ..
ومن هنا فإن كتبغا قد دخل المعركة وهو يحمل الهزيمة النفسية من داخله, الأمر الذي ساهم كثيرا في هزيمة التتار في هذه المعركة وهذا بفضل الله الذي سخر هذا المملوك المسلم صارم الدين أوزبك ليفت في عضد كتبغا وينزل في قلبه الرعب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق